الاستيطان غير قانوني وجريمة حرب

 يتم هنا تناول عدم قانونية الاستيطان الاسرائيلي حسب القانون الدولي كما جاء في الرأي الاستشاري لمحكمة العدل الدولية بخصوص الجدار الفاصل، وأيضاً تجريم الاستيطان كجريمة حرب بموجب النظام الأساسي (نظام روما) للمحكمة الجنائية الدولية.

 أولاً: محكمة العدل الدولية

 تناولت محكمة العدل الدولية في لاهاي موضوع المستوطنات الاسرائيلية في إطار الرأي الاستشاري ((Advisory Opinion الذي أصدرته – عام 2004 - بناءً على طلب الجمعية العامة للأمم المتحدة حول الآثار القانونية لبناء جدار في الأراضي الفلسطينية المحتلة، بما فيها القدس الشرقية وما حولها[1].

 أشارت المحكمة إلى الفقرة السادسة من المادة 49 من اتفاقية جنيف الرابعة التي تحظر على دولة الاحتلال أن ترحل أو تنقل جزءاً من سكانها المدنيين إلى الأراضي التي تحتلها، وأكدت أن هذا الحظر "لا يقتصر على ترحيل السكان أو نقلهم بالقوة، وإنما يحظر أيضاً أية تدابير تتخذها القوة القائمة بالاحتلال من أجل تنظيم أو تشجيع نقل أجزاء من سكانها إلى الأراضي المحتلة"[2].

 وقد استنتجت المحكمة أن اسرائيل "تتبع سياسة وممارسات تتضمن إقامة مستوطنات في الأراضي الفلسطينية المحتلة، بما يخالف أحكام الفقرة السادسة من المادة 49"[3]. وخلصت المحكمة إلى أن "إقامة المستوطنات الإسرائيلية في الأراضي الفلسطينية المحتلة (بما فيها القدس الشرقية) تمثل خرقاً للقانون الدولي"[4].

 ثانياً: النظام الأساسي للمحكمة الجنائية الدولية

 لقد قرر المجتمعون في روما عام 1998 رفع الاستيطان من درجة الحظر الذي يقع على الدول، إلى درجة جريمة حرب، كغيرها من جرائم الحرب كالقتل المتعمد للمدنيين، من أجل ملاحقة أو معاقبة المسؤولين عنه بشكل شخصي – أي مسؤولية جنائية شخصية – أمام محكمة جنائية دولية دائمة، وهي المحكمة الجنائية الدولية.

 ومن جانبها، فقد حققت المجموعة العربية المشاركة إنجازاً دون سابق بأن يتضمن النظام الأساسي للمحكمة الجنائية الدولية أحكاماً تجرم الاستيطان واعتباره جريمة حرب، ولا غرابة أن هذا التضمين أثار غضب الوفد الاسرائيلي المشارك، مما جعله يصف المحكمة بأنها أداة سياسية إضافية في النزاع العربي - الاسرائيلي.

 فقد تناولت وعددت المادة 8 من النظام الأساسي – تحت عنوان "جرائم الحرب" - الأفعال التي تعتبر بمثابة جرائم حرب. بدايةً، نصت الفقرة الأولى من المادة المذكورة على ما يلي: "يكون للمحكمة اختصاص فيما يتعلق بجرائم الحرب، ولا سيما عندما ترتكب في إطار خطة أو سياسة عامة أو في إطار عملية ارتكاب واسعة النطاق لهذه الجرائم".

 تم النص على الاستيطان كجريمة حرب في الفقرة (2/ب/8) من المادة 8 من النظام الأساسي. حيث يعتبر من ضمن "الانتهاكات الخطيرة الأخرى للقوانين والأعراف السارية على المنازعات الدولية المسلحة، في النطاق الثابت للقانون الدولي..." كما جاء في الفقرة (2/ب) من المادة 8 من النظام.

 والفقرة (2/ب/8) من المادة 8 تنص على ما يلي: "قيام دولة الاحتلال، على نحو مباشر أو غير مباشر، بنقل  أجزاء من سكانها المدنيين إلى الأرض التي تحتلها...". مما يعني أن سياسة اسرائيل الاستيطانية، المباشرة وغير المباشرة، تشكل جريمة حرب.

 جابي حلو




[1] الرأي الاستشاري لمحكمة العدل الدولية حول "الآثار القانونية الناشئة عن تشييد جدار في الأراضي الفلسطينية المحتلة"، 9 تموز 2004.
[2] المصدر نفسه، الفقرة 120.
[3] المصدر نفسه، الفقرة 120.
[4] المصدر نفسه، الفقرة 120.

Comments